" رمادي داكن " للكاتب طالب الرفاعي مجموعة قصصية متميزة كل قصة قصيرة تأخذك إلى مكان لا انتظار فيه و لا ترقب .. و لكن تثير خيالك و أفكارك و تبدأ في تكملة كتابتها لتصبح رواية في ذهنك و أعماقك .. كل قارئ يكتبها بطريقته الخاصة … و خبرته النوعية ..
مجموعة قصصية كتبت بأسلوب سلسل و لغة سهلة ممتنعة معاً .. تنساب كلماتها كإنسياب موج بحر هادئ .. تتغلغل في روحك و ثناياك دون أن تشعر .. تشرق كلماتها ولا تغرب عن ذاكرتك.. تعيدها و تكررها في حالات صفوك و كدرك .… تصل إلى نهاية القصة و تتمنى ألا تنتهي .… و عندما تتأكد أن الصفحات انتهت .. تبدأ في تخيُل نهاية أو نهايات من وحي خيالك .. فكأنما تسرق أفكار الكاتب .… و هي في تصوري سرقة مشروعة .. فالكتابة التي لا ثير التساؤل أو تداعي الأفكار في نظري عقيمة لا جدوى منها …
تميز بعضها بأبعاده الاجتماعية … فقصة " لحية وشارب " على سبيل المثال تتناول العنف الأسري و السيطرة الأبوية بطريقة غير مباشرة .. سيطرة الزوج على زوجته و التحكم في دخلها و قسرها على الاقتراض و ارتباطها بحرية المرأة الشخصية شكلاً ومظهراً تشير إلى أحد أشكال العنف الأسري.أما القصة الثانية " قرب المدخل " فهي تتعرض إلى العلاقات الاجتماعية الفوقية المرتبطة بالبعد المادي... و كذلك في "جيش نمل " التي تبين معاناة العمالة الوافدة .. و أما قصة " صورتان" تتناول قضية المؤسسات الأزلية ألا و هي احتلال ذوي الشهادات المزورة المناصب العليا و التستر عليهم .… و يرتبط بها قصة " طبق الأصل " التي تركز على تفشي ظاهرة المظاهر الخادعة .
و هكذا تجد في الأربع و العشرين قصة حكاية لم ترو و تصور واقعاً اجتماعياً يزخر بالبؤس
و النفاق …كُتبت لتبقى في ذاكرتك .
- فاصلة أخيرة
عندما رحل .. أخذ معه كل ألوان الطيف ..و ترك اللون الرمادي .
جهينة سلطان العيسى
٢٠١٩/٢/١٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق