إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 18 يوليو 2012

الرياضة و المواطنة

تهتم الدول بالرياضة و الرياضيين بمختلف أنواعها ، و تدعمها بإنشاء المرافق الرياضية المجهزة بأحدث التجهيزات الرياضية . و وضعت مختلف السياسات للنهوض بالرياضة و الرياضيين . و أدرجت هذه السياسات في الإستراتيجيات الوطنية المعنية بتنمية الموارد البشرية من منطلق " العقل السليم في الجسم السليم " .
و صاحب ذلك إهتمام  وسائل الإعلام  بها، التي لا تتوانى عن مساندة و دعم الرياضة .. فخصصت لها أقساما في المجلات و الصحف اليومية ، و أفردت لها ملاحق خاصة .كما تولت القنوات الفضائية الرياضية مناقشة شؤون الرياضة ، و عرض و متابعة مختلف الأنشطة على المستوى المحلي و الإقليمي و الدولي. فيتابع المشاهد مباريات كرة القدم أو الكرة الطائرة أو التنس و غيرها مباشرة بغض النظر عن مكان أو زمان إقامتها .
و يقابل ذلك جمهور المشجعين و المهتمين بمختلف أنواع الرياضة و على وجه الخصوص مشجعو كرة القدم ..  فيبدأ التشجيع من المستوى الصغير المايكرو بتشجيع نادي أو فريق أو لاعب محلي إلى المستوى الكبير الماكرو بتشجيع الفريق القومي الى الإقليمي ثم الدولي ..فما هو الفريق القومي ؟؟؟.. هو ذلك الفريق الذي يمثل الوطن بأبنائه .. و يمثل أبنائه الوطن  ..بمعنى أن يكون  جل أعضائه من المواطنين ...و لابأس من دعمه بلاعبين متميزين غير مواطنين ، و هي آلية عالمية  معتمدة و خاصة في مجال رياضة كرة القدم . و هذا لا يعني بالضرورة  أن يتفوق عدد اللاعبين غير المواطنين  على اللاعبين المواطنين .
الملاحظ أن بعض الفرق الرياضية القومية تكاد تخلو من اللاعب المواطن .. و تتكون من مجموعة لاعبين  مستوردين .. و إن كانوا يحملون جنسية ذلك الوطن من أجل الالتزام بشروط و قواعد البطولات الدولية التي تتطلب أن يكون المشارك مواطنا .. و مما يحزن أن تشاهد بعض اللاعبين أثناء عزف النشيد الوطني يحلقون بعيدا .. فهم لا ينشدونه مع باقي أعضاء الفريق .. و لا حتى يحركون شفاههم تورية .. فالأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد .
و هنا يحق لنا أن نتساءل هل هذه المعادلة تحقق الأهداف التنموية .. و أولها تنمية الموارد البشرية التي تسعى الى بناء القدرات الوطنية ..أم أنها مجرد منافسات للحصول على ألقاب رياضية و كؤوس و دروع و أوسمة ؟؟؟
إن ما يجري على أرض الواقع يؤكد بما لا يدعو إلى الشك أن السياسات الرياضية في معظم مجالاتها لا تعنى ببناء القدرات الوطنية ، و إنما تسعى إلى تحقيق نجاحات و تراتيب دون إعتبار لتنمية الكوادر المحلية .و للأسف و مع ذلك كله و مع ما ينفق على الرياضة لم يأت بالمردود الإيجابي المتوقع وكثيرا ما تخرج الفرق الوطنية من التصفيات ما قبل النهائية ..  و تعود بخفي حنين  .. و تبرر من قبل المسؤول الرياضي بتبريرات واهية .. كالطقس غير ملائم .. و الملعب غريب .. وقلة عدد المشجعين و غيرها من الأسباب الواهية  ... و أن القادم سيكون أفضل ..
فما مازالت بعض الأنشطة الرياضية  تعتمد على اللاعب أو الرياضي غير المواطن .. و الذي بدوره لا تعنيه النتيجة كثيرا .. فعقده سينتهي .. و قد يجدد له مع إخفاقاته .. و سيعود الى موطنه .. أو الى فريق دولة أخرى رابحاً .. و الخاسر الأول  هو الوطن و الفريق القومي.
فاصلة أخيرة : ربما آن الآوان الى إعادة النظر في السياسات الرياضية .. و النهوض بها من خلال بناء القدرات الوطنية لتتلاءم مع الاسترايجيات التنموية . .