إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 7 مارس 2012

دور منظمات المجتمع المدني في التنمية



نتساءل لماذا لا توجد منظمات مجتمع مدني في مجتمعنا ؟؟ مع و جود قانون رقم  (12 )  لسنة 2004  بشأن الجمعيات و المؤسسات الخاصة الذي  تم تعديله بقانون رقم (8 ) لسنة 2008  ، ثم  تعديله مرة أخرى بقانون رقم (10 ) لسنة 2010 .فالمحقق أن منظمات المجتمع المدني بأنواعها و خاصة الجمعيات المهنية و الاجتماعية و الثقافية تعدعامة أساسية في تحقيق التنمية المستدامة .
فالمجتمعات المعاصرة تواجه تحديات كثيرة و متنوعة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة .و أصبحت مساهمة المجتمع المدني بمنظماته المتعددة على قدر كبير من الأهمية . فمنظمات المجتمع المدني بما لها من إمكانيات تستطيع حشد و تعبئة الموارد البشرية و المادية إيجابياً في سبيل تقبل المبادرات التنموية و تفعيلها .
فما هو المجتمع المدني ؟ هو مفهوم له جذور تاريخية فأرسطو في كتاباته كان يشير الى الجماعة السياسية ، في حين أن المجتمع المدني في التراث الفكري للقرون الوسطى ينظر اليه بأنه يضم أفراداً يخضعون لنفس القوانين و لنفس الحكومة . و تطور المفهوم في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر و ارتبط بالديمقراطية و بالاجتماع السياسي. و أصبح يشير الى مجموعة من المؤسسات السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية (1) التي تعمل في ميادينها المختلفة بدرجة من الاستقلال النسبي عن المجتمع السياسي، و ذلك لتحقيق أغراض نقابية كالدفاع عن مصالح اقتصادية لأعضاء النقابة ، أو أغراض ثقافية تقوم بها الجمعيات الثقافية بهدف نشر الوعي الثقافي و تحريك المياه الراكدة . وأخرى ذات أغراض اجتماعية كالمساهمة في العمل الاجتماعي .
و ينطلق مفهوم المجتمع المدني على مبدأ التعاقد كما أكده " جون لوك " في كتابه " العقد الاجتماعي " حيث أكد على أنه " حينما يُؤلف عدد من الناس جماعة واحدة و يتخلى كل منهم عن سلطة التنفيذ و يتنازل عنها للمجتمع ، ينشأ حينئذٍ مجتمع سياسي أو مدني "   (2) . أما جان جاك روسو فيرى أن المجتمع المدني يقع في مرحلة وسط بين الحالة الطبيعية و الحالة المدنية المرتبطة بقيام الدولة المبنية على أساس العقد الاجتماعي (3) . و في العصر الحديث يعرف سعد الدين إبراهيم المجتمع المدني،بأنه          " مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة و الدولة لتحقيق مصالح أفرادها ، ملتزمة في ذلك بقيم    و معايير الاحترام ، و التآخي ، و التسامح ، و الإدارة السليمة للتنوع و الاختلاف " (4) .
و مع تعدد و تباين تعريفات المجتمع المدني ، إلا أنها تتفق على مجموعة من المقومات التي تكونه . منها ضرورة توفير حد أدنى من الاستقلالية تجاه الدولة، مع تمكين المجتمع المدني من خلق منظمات غير حكومية قادرة على تعبئة المواطنين و بناء قوة جماهيرية. تتنوع اشكلها ما بين نقابات و أحزاب و جمعيات . و تعد الجمعيات من ابرز المكونات الفاعلة في المجتمع المدني ، حيث أنها تعد الإطار التنظيمي لتأطير أفراد المجتمع و توعيتهم ، بهدف الاندماج و المشاركة في تفعيل العمل التطوعي في المجتمع .و يعرف علماء الاجتماع الجمعية بأنها : مجموعة من الأفراد المنظمين إراديا الذين يسعون الى القيام بعمل جماعي و مستمر ، يهدف التعبير عن أفكارهم و مبادئهم و أطروحاتهم و ذلك للمساهمة في تنمية المجتمع . و على هذا النحو فإن مؤسسات المجتمع عبارة عن مجموعة من التنظيمات الطوعية الحرة التي تشغل المجال العام ما بين الإنسان. الدولة ، و تتشكل وفق إرادة حرة نابعة عن مؤسسيها ، و تكون العضوية فيها اختيارية ، و تستند في عملها على أطر قانونية ، تدافع عن مصالح أعضائها ، إضافة الى كونها غير ربحية .
فالمجتمع المدني بمنظماته ركيزة أساسية لتحقيق التقدم و تفعيل التنمية البشرية . وبذلك فقد سمي مدنيً لأنها يتخذ طابع مدنيا و سلميا مستقلاً عن الدولة و مؤسساتها الرسمية . و بالتالي فأنه يجسد مظهراً من مظاهر الديمقراطية التي ترتكز على الحرية و العدالة و المساواة و الكرامة و حقوق الإنسان . فالمجتمع المدني نسيج من اتكاملها،لمتشابكة بين الأفراد من جانب و الدولة بمؤسساتها من جانب آخر. تقوم على تبادل المصالح و تكاملها ، و على التعاقد و التفاهم و الاختلاف و الحقوق و الواجبات . و حتى يكون هذا النسيج فاعلاً لابد من ان يتجسد في مؤسسات طوعية اجتماعية و ثقافية و اقتصادية و حقوقية متعددة (5).
و نؤكد على ان أعمال منظمات المجتمع المدني تتسم بالطابع السلمي في علاقاتها ، و تعمل على تعزيز قيم التسامح و احترام مهنية. الرأي الآخر و التعاون و العدالة و الكرامة و المساواة . و عليه فإن منظمات المجتمع المدني يمكنها ان تسهم في التنمية المستدامة إسهاما حقيقياً ، إذا ما تمكنت من بناء الوعي التنموي و توظيفه من خلال مشاركة إيجابية في العملية التنموية. فمنظمات المجتمع المدني يمكنها مناقشة و تبني قضايا المجتمع الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية بشفافية و مهنية . كالعمل في مجالات التدريب والتأهيل و محو الأمية و دعم الأسر المنتجة و الصناعات الصغيرة في المجتمعات المحلية. إضافة الى الاهتمام بحقوق و احتياجات الأطفال و الشباب و المرأة و المسنين و ذوي الإعاقة و توفير بعض الخدمات الأساسية لهم. وهنا يمكن القول بأن منظمات المجتمع المدني تسهم في التنمية بمفهومها الواسع المتمثل في تنمية الناس من أجل الناس .و تعني تنمية الناس الاستثمار في قدرات الأفراد في الصحة أو التعليم أو بناء القدرات.
أضف أن كثير من المؤتمرات و الدراسات أكدت على دور منظمات المجتمع المدني في التنمية المستدامة من خلال تبني الدول استراتيجيات وطنية لتأهيل و تدريب المنظمات فنياً و مالياً و إدارياً ، و السعي نحو دمج المرأة في عملية التنمية الشاملة ،و إشراكها في وضع الخطط و الاستراتيجيات و تنظيم و عقد ورش العمل و الندوات المتعلقة بالتنمية المستدامة . و تجسير الفجوة بين منظمات المجتمع المدني و المؤسسات الرسمية .بحيث يعمل المجتمع المدني و منظماته جنبا الى جنب مع المؤسسات الرسمية في تنفيذ  بعض السياسات و الخطط التنموية . فمبدأ الشراكة يحقق تعبئة الموارد المجتمعية لتحقيق أهداف التنمية . و الذي بدوره يتطلب تعزيز البناء المؤسسي لمنظمات المجتمع المدني و بناء قدراتها . و يأتي في مقدمتها قيام التحالفات و التشبيك بين منظمات المجتمع المدني ، و تبادل الخبرات و تدعم العمل التشاركي المؤسسي هذا يدعو الى توفير المجال لمنظمات المجتمع للعمل على جميع المستويات الإنسانية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية و الحقوقية والمهنية الفنية .
و حتى تتمكن منظمات المجتمع المدني من أداء دورها بفاعلية و مهنية لابد من توفر مناخ ديمقراطي يؤمن بالتعددية  و بالاختلاف و الحوار . و يرتكز على خطاب التواصل و التسامح و عدم الإقصاء و الاحترام ذلك تأكيدا ما يراه المثقفون و المفكرون العرب بأن الديمقراطية  هي المخرج  للشعوب العربية من مأزقها الحالي و ما تعانيه من مشكلات و ازمات .فهي في جوهرها طريقه حياة و اسلوب لتسيير المجتمع و تدبير شؤونه بوسائل سلمية . و عليه فالمجتمع المدني و منظماته ضرورة أساسية في التنمية ،     و تبقى التنمية المستدامة قاصرة بإقصائه أو تهميشه .
و يبقى السؤال الحائرعن سبب أو أسباب غياب بعض منظمات المجتمع المدني و خاصة الجمعيات الاجتماعية و الثقافية         و المهنية في قطر.
هل من إجابة ؟؟؟؟

1-       عبد الطيف أكنوش ، الديمقراطية و الدمقرطة و الانتقال الديمقراطي ، جريدة المستقل ، الععد 347 ، 5 يناير 2001 .
2-       جون لوك ، في الخبر المدني ، ترجمة ماجد فخر ، اللجنة الدولية لترجمة الروائع ، بيروت 1959 ، ص 189 .
3-       توفيق الدويتي ، المجتمع المدني للدولة و السياسة ، إتحاد كتاب العرب ، دمشق ، 1997 ، ص 58
4-       سعد الدين إبراهيم ، المجتمع المدني و التحول الديمقراطي في مصر ، دار قباء ، القاهرة ، 2006 ، ص 6.
5-       علي عبد الصادق ، مفهوم المجتمع المدني ، قراءة أولية ، مركز المحروسة ، القاهرة ، ص ص 114-115

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق