إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 أبريل 2012

ما بين حرية الرأي ..و حرية التعبير.....

تعد قضية الحرية من أهم قضايا  المجتمعات المعاصرة و خاصة تلك التي تسعى الى أو تدعي الديمقراطية فقد إرتبط بمفهوم الحرية  مفهوم آخر هو حرية الرأي الذي أصبح مفهوماً شائعاً في الأدبيات الحديثة .. و الذي إرتبط بدوره بمفهوم ثالث و هو حرية التعبير .. الذي يعني القدرة على إبداء الرأي و الفكر في صوره المتعددة .. المقرؤة .. والمرئية .. و المسموعة دون خضوعها للرقابة أو للقيود الرسمية .. بشرط ألا تكون هذه الآراء و الأفكار مخالفة لقوانين المجتمع أو الجماعة التي أتاحت حرية التعبير .مما أدى بدوره الى التساؤل عن الدرجة و المساحة المسموح بالتعبير فيها و عنها . فأصبح البعض يخلط بين حرية  الرأي و التعبير عنه بشكل يتجاوز أحياناً الحدود المتاحة و المتفق عليها .. و في أحيانا أخرى لا يعبر عنها خشية التجاوز و المساءلة . وكلاهما اضعف الفكر و الثقافة
و على هذا الأساس اهتمت المجتمعات المتقدمة ذات الديمقراطيات العريقة برعاية و صيانة و حماية حرية الرأي و التعبير عنه . و احتلت هذه الحرية مكانة بارزة في دساتير هذه المجتمعات و في المواثيق و العهود الدولية . فقد نصت المدة " 19" من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 م عل أنه " لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي و التعبير ، و يشمل هذا الحق حريته في إعتناق الآراء دون مضايقة ،و الحصول على الأنباء و الأفكار و تلقيها و نقلها الى الآخرين ، بأية وسيلة و دونما اعتبار للحدود " . كماأكدت الإتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان  المدنية و السياسية ، التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1996م على هذه الحقوق في مادتها التاسعة حيث تضمنت 1:- لكل فرد الحق في حرية الرأي ، 2- لكل فرد الحق في التعبير ، و يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار ، من أي نوع ، و تلقيها ، بغض النظر عن الحدود ، إما شفاهة ، او كتابة ، أو طباعة،  3- ترتبط ممارسة الحقوق بواجبات و مسؤوليات خاصة (1) . كما عرف مجلس الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمةالمؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته     " 19 " في الشارقة ـ دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر أبريل 2009م ،بأن المقصود بحرية التعبير عن الرأي : تمتع الإنسان بكامل إرادته في الجهر بما يراه صواباً ، و محققاً النفع له و للمجتمع ، سواء ما يتعلق بالشؤون الخاصة أو القضايا العامة . كما أنه حق مصون في الإسلام في إطار الضوابط الشرعية ، و منها عدم الإساءة الى الغير ، و الموضوعية ، و الصدق ، و الإلتزام بالمسؤولية و المحافظة على مصالح المجتمع و قيمه ، و ان تكون وسيلة التعبير عن الرأي مشروعة (2 ).
فحريه تعبير الفرد عن ذاته هي من صلب كينونته وجزء لا ينفصل عن وجوده و بقائه . و ترتبط بالبناء السياسي و الثقافي لمجتمعه . فالعلاقه طردية بين الإبداع و الفكر و المبادارات و درجة نمو و وعي المجتمع السياسي. فالفكر البناء و الآراء العظيمة لا تحتاج إلى أسوار عالية أو شائكة ، و لا تحتاج إلى حواجز زجاجية تحد منها  أو تقيدها .  فإن الحجر على الرأي وإستبعاد الرأي المخالف يكبل المجتمع و يقيده و يعيق نموه المعرفي  و تقدمه .
و هذا بدوره يقودنا الى التساؤل عن كيفية التوفيق أو التواؤم بين الفكر الحر .. و بين الأسس و القواعد التي يضعها المجتمع لتنظيم هذه العلاقة .. بمعنى هل يترك للفرد مطلق الحرية في التعبير عن أفكاره و آرائه بناء على ما ضمنته له المواثيق و العهود الدولية ، أم يتدخل المجتمع بقوانينه و تشريعاته في مراقبة و تقييد أفكاره و آرائه و تعبيراته ؟؟؟.... هذه قضية شائكة و جدلية .. شائكة لعدم الإتفاق على حدودها و درجتها .. و جدلية لإختلاف رؤى المعنيين بها .
و لعل ما يهمنا في هذا الصدد أن تكون حرية الرأي و التعبير حقاً من حقوق الإنسان التي يصونها المجتمع و يحافظ عليها و يحميها أيضا . بحيث تكون هذه الحرية الفكرية التعبيرية أداة من أدوات النهوض بالمجتمع و بثقافته و قيمه و مبادئه دون إثارة الحزازات و النعرات و الفتن ، و تناول قضايا فرعية تعزز قيم السلبية و الإنزواء و التهجم على الأخرين بسبب إختلاف في الرأي  أوالجنس أو العنصر أو الطائفة .
فاصلة أخيرة : هل من المقبول أن يخفى الشخص هويتة في مواقع التواصل الاجتماعي و يكتب ما يشاء متعذراً بحرية الرأي و التعبير ؟؟؟؟؟................
_________________________________________________________
1-http://www.yaberouth.com
2-مجمع الفقه الإسلامي http://islamfegh.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق