إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 25 يناير 2012

مراكز تنمية المجتمع / مقترح اولي


جهينة سلطان سيف العيسى
خضر زكريا
كلثم على الغانم
سالم ساري
المنطلقات ، الأهداف ، الشكل التنفيذي
فلسفة المشروع :
  تستند فلسفة مشروع مراكز تنمية المجتمع المحلي على أن توفير نوعية حياة مرتفعة للسكان والتي تضم مؤشرات الصحة والتعليم  والدخل ، قد لا تؤدي في نهاية المطاف إلى أحداث النقلة النوعية التي يمكن بواسطتها إطلاق طاقات المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة .    
فالأنماط التنموية التقليدية ، التي تلعب الإدارات الحكومية الدور الأساسي فيها من حيث الفرص الإنمائية التي تخلقها وترتبها حسب سلم الأولويات التي تراها ، وتحددها وفقاً لأراء النخب السياسية أو الاقتصادية ، لم تؤد وبعد عقود طويلة من التغيرات إلى تحقيق المستويات التنموية المأمولة ، و خاصة فيما يتعلق بالمهارات الإنتاجية والتنظيمية المطلوبة في المجتمع .    
ذ أن ذلك له علاقة بدرجة استفادة الشرائح الاجتماعية من الفرص الإنمائية ، وهو الأمر الذي قد تم الاستفادة منه بصورة غير متساوية في اغلب الأحيان ،أو  لم يتم بالصورة الصحيحة في أحيان أخرى. ففي الوقت الذي ساعدت فيه الطفرة النفطية( السابقة والجديدة ) على استفادة فئات سكانية بتحسن أوضاعها ( المادية بالذات ) فان هناك شرائح من السكان لم تستفد منها . و ظل المواطن بعيداً عن المشاركة في تحقيق تلك الفرص . كما أن الأنماط التقليدية للتنمية تميزت بالاعتماد على المدخلات والمخرجات الكمية ،فمثلا  على الرغم من كل ما أنفق على التعليم ، إلا انه لم يؤد إلى خلق مهارات  و قدرات بشرية متطورة ملائمة لاحتياجات التنمية  ، كما أن الاستثمار في الاقتصاد ولسنوات طويلة ، لم يخلق اقتصاداً وطنياً متنامياً قادراً على خلق التراكمات الرأسمالية الوطنية في المجال الإنتاجي اعتمادا على قدراته الذاتية .
 و على ذلك فإن تغيير الواقع التنموي يتطلب ثورة في الفكر التنموي عند النخب السياسية والإدارية و الاقتصادية  والتعليمية ، كما يتطلب تغييرا في الأساليب والمناهج التنموية المتبعة. وذلك بالاعتماد على أسس ومقومات تنموية جديدة تأخذ بالاعتبار التغيرات العالمية السريعة و تتبنى إدماج جميع الفئات الاجتماعية في عملية الإنماء ، بوصفها جزءاً من النشاط التنموي ، وليست مجرد متلقية ومستفيدة منه
وهنا يطرح منهج التنمية البشرية المستدامة ، بوصفه من أفضل الأساليب التي تسعى إلى نشر الفوائد الإنمائية على جميع أفراد المجتمع ، والتي تهدف في نفس الوقت إلى تعبئة القدرات الاجتماعية ، ورفع مستواها وطبيعة مساهمتها . إذ ينظر هذا المنهج التنموي إلى الجوانب المختلفة للعملية التنموية ، ويضعها في سياق واحد ، بدلاً من تقسيمها إلى جوانب مختلفة ومعالجتها كلاً على حدة . 
 فهذا المنهج يعتمد على تعبئة القدرات الذاتية للمجتمع ، ويسعى إلى تطويرها في عملية مستمرة ومتتابعة ، حتى تتوفر لها فرص البقاء والاستدامة ،و من ثم فانه يتطلب من المخططين وواضعي السياسات ، الوعي التام بأهداف ومقومات التنمية البشرية المستدامة .  ويتطلب أيضاً تحقيق نقلة هيكلية في التنظيم الاجتماعي . بحيث تسير تنمية قدرات البشر جنباً إلى جنب مع القدرات المادية والتنظيمية في المجتمع .
ولكي يمكن تحقيق أهداف التنمية البشرية ، لابد من  إنشاء روابط وعلاقات جديدة أكثر فعالية من الروابط الحالية ، وذلك بين المؤسسات المختلفة في المجتمع ، أي إعادة هيكلة العلاقات المؤسسية في المجتمع في كل القطاعات ، ويكون من ضمن أهداف هذه الهيكلة الجديدة دعم الوحدات الاجتماعية الصغيرة من الأسرة ( بجميع أفرادها ) إلى المجتمع المحلي،  لرفع كفاءة هذه الوحدات وإمكانياتها الذاتية ، وزيادة تفاعلها مع مصادر وموارد البيئة المحلية،  والعمل على تجديدها بالجهود الجماعية ( تقنياً وتنظيمياً وثقافياً وسياسياً ) من خلال مبدأ المشاركة المجتمعية وثقافة التطوع وقيم الولاء والانتماء للوطن  ، مع الاستفادة من التمايز الحضاري مع المجتمعات الأخرى وإعادة استثماره محلياً في حركة إبداعية ذاتية للوحدات الاجتماعية المحلية.
إن تأسيس التنمية المتوازنة والمستمرة  يتطلب إطلاق الطاقات الاجتماعية الكامنة وخلق  طاقات أخرى جديدة ، وبناء الهياكل الاجتماعية المرنة ، التي تستطيع التلاؤم مع المتغيرات الجديدة، وزيادة  قدرتها على التصحيح وإعادة البناء . وهذا يتطلب إلى جانب إعادة الهيكلة المؤسسية وفق منظور التنمية المستدامة ، إعادة تصحيح البنية الاجتماعية .  فاتباع نهج المشاركة المجتمعية قد يصبح أهم الأساليب التي ستساعد على تشكيل التنظيم المجتمعي وإعادة تركيبه ، خصوصاً إذا ما انطلق من الدوائر المحلية كحيز جغرافي أو مكاني ، ومن الجيرة أو القبيلة كحيز اجتماعي ، ومن الأسرة على المستوى الشخصي . فبالقدر الذي يتم فيه توسيع قاعدة المشاركة وتأطيرها حسب المستويات المختلفة ، يصبح من الممكن توفير الظروف الموضوعية للتغيير ، بالصورة التي تكون فيها جميع أطر المجتمع وأفراده مشاركين فيها . 
   وبما أن المجتمع يواجه ثنائية سكانية ( مواطن مقيم ) فإن مفهوم التنمية المستدامة يجب أن يضع في اعتباره الاستفادة من جميع الطاقات السكانية المتوفرة ، وإدماجها في النشاط التنموي ، في إطار محلي واحد يستقطب المواطن والمقيم في نفس الوقت ، ويوظف لصالح الجميع وللأجيال اللاحقة . كما يجب أن يضع في اعتباره الاهتمام بجميع الشرائح السكانية ، وخصوصاً الفئات غير الماهرة والفقيرة والمهمشة ، وإتاحة الفرصة لها للتزود بالمهارات الجديدة ، وإدماجها من جديد في البنية الاجتماعية ، حتى تتجاوز مستوى تلقى الخدمات ،  وتصبح مشاركة في العملية التنموية . 
 إن إعادة تصحيح العلاقة المؤسسية وفق أهداف التنمية البشرية ، تحتاج إلى إيجاد هيئات أو مؤسسات وسيطة تكون حلقة الوصل بين مؤسسات المجتمع التي تسعى إلى تقديم كل ما يلزم من الاستثمار في السياسيات والبرامج والتشريعات والتدريب والتأهيل وبين الوحدات المحلية المتلقية لتلك الاستثمارات . و هكذا يصبح دور مراكز التنمية المحلية واضحا بالصورة التي تساعد المجتمع المحلي على الاستفادة القصوى من الاستثمارات المتاحة في بناء قدراته الذاتية ، وإطلاق طاقاته  الإبداعية لتجديد الموارد وإعادة توظـيف بعضها وتصحـيح أدوار بعضها الآخر . فهي تلعب دوراً تكميلياً وتنسيقياً وتأهيلياً أيضاً بمعنى إكمال أدوار المؤسسات الأخرى والتنسيق فيما بينها وتأهيل البيئة المحلية لتلقي تلك البرامج والسياسات وتحقيق أقصى درجات الفائدة ، لكي تظهر مرة أخرى في صورة اكتساب المهارات والاعتماد على الذات والقدرة على المشاركة الفعالة .
وعلى هذا النحو فان هذا المشروع ينطلق من الإيمان الراسخ بجمله من متطلبات التغيير التنموي الفعلي المتمثلة في :
·     الإيمان بمركزية الإنسان وسط الأشياء جميعا .
·     الإيمان بقدرة العقل على الخلق  و التجديد و الإبداع .
·     الإيمان بتفرد الفعل الجمعي الإرادي الهادف.
·     الإيمان بحركة العالم نحو ذاته الواحدة .
و يقود هذا الإيمان إلى افتراض إمكانية إحداث أو تحقيق مجموعة أخرى من التطويرات/ التغييرات التنموية النوعية :
·     إمكانية تفعيل قدرات الإنسان ، وإكسابه مهارات معرفية جديدة ، تمكنه من صنع القرار و حل المشكلات
·     إمكانية تجديد البيئة الاجتماعية لإنتاج التغيير أو استيعابه.
·     إمكانية تطوير البنية الاجتماعية السياسية لممارسة الديمقراطية بوعي ثقافي و سياسي.
·  إمكانية تغيير النظرة إلى الذات و الآخر ، باكتساب قيم جديدة داعمة لعمل المرأة  و مشاركتها المدنية و السياسية ، و باحترام للثقافات الأخرى في تفاعل سوي مع العالم الخارجي .  
الغاية ( الهدف البعيد ) :
 الارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية في المجتمع القطري . بما يحقق تحسين نوعية حياة أفراد المجتمع في مجالات الحرية و المعرفة و تمكين المرأة و في ميادين الصحة والتعليم والعمل ، وتعزيز قدراتهم وتمكينهم من المشاركة في الحياة السياسية والعامة وتحقيق أقصى درجات الإنصاف (العدالة) في توزيع فرص الإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
الشكل التنفيذي لمشروع مراكز التنمية المحلية :
تعتمد آلية العمل على علاقات تكاملية بين القطاعات المختلفة والتي سيكون لها دور في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمركز . ويمكن تصورها كالتالي : 
    الأطراف المحركة           الأطراف المساندة          الأطراف المشاركة
1.الأطراف المحركة  : تتشكل من الدولة بهيئاتها المختلفة إلى جانب المجتمـع المدنـي  بتطلعاته وأهدافة العليا . وتستمد مراكز التنمية المحلية شرعتهـا   وأفكارها وإطارها المفهومي والوسائلي من كلا الجانبين ( الدولة     والمجتمع المدني ) . ويدخل ضمن ذلك الأجهزة الرسمية  وغير الرسمية كالمؤسسات التشريعية ووسائل الإعـلام ، ومؤسسـات التعليم والتدريب والصحة والبيئة ... الخ .
2.الأطراف المساندة : وتشكل من المنظمات غير الحكومية NGOS ومؤسسات القطاع لخاص واللجان الوطنية وغيرها  ويكون دورها مساندا وداعما في النواحي المادية و التأهيلية و المعنوية .
3.الأطراف المشاركة:  الجماعات المستهدفة من السكان والروابط الاجتماعية والبيئـات   المحلية ، سواء من خلال القـدرات الذاتية للأفراد والوحدات   المحلية أو من خلال عمليـات وبرامج التطوير التي تستهدف رفع كفاءتهم وقدراتهم علـى الاستثمـار والتجديد في مهاراتهم وبيئتهم ومجتمعهم بشكل عام .
  تتخذ الإجراءات التالية  لتنفيذ المشروع :
أ  . اختيار منطقة واحدة مبدئياً لإقامة مركز تنمية  المجتمع المحلي الأول .
ب . إجراء مسح إحصائي ميداني للتعرف الدقيق على : 
أ   _ تركيب السكان في المنطقة ( التوزيع حسب الجنسية ، النوع ، العمر ، عدد الأسر  و تركيبها و حجمها ، الحالة التعليمية ، الحالة العملية و النشاط الاقتصادي ..) .
ب  - استطلاع آراء سكان المنطقة بشأن احتياجاتهم و احتياجات المنطقة من وجهة نظرهم  و نوعية و درجة مساهمتهم.
ج . عقد لقاءات ومقابلات جماعية ( باستخدام أسلوب الجماعة البؤرية Focus Group ) مع أعضاء المجلس البلدي والنشطاء المحليين وقادة الرأي و أصحاب المهن و الفعاليات المختلفة في المنطقة بغية إدماجهم في عملية إنشاء المركز ، و تبادل الرأي  معهم حول أهداف المركز ومهامه و آليات عمله والصعوبات التي يمكن أن تواجه المشروع .
د .صياغة استراتيجيات وآليات وبرامج عمل المركز وبنائه التنظيمي تبعاً لنتائج المسح ونتائج المقابلات المعمقة ، وبعد دراسة الإمكانات المادية والبشرية المتاحة .
مصادر التمويل :
 ستعتمد مراكز التنمية المحلية على مصادر متنوعة من الموارد المالية التي ستدعم تنفيذ برامجها ، و تحقيق أهدافها . فبعض تلك الموارد سيكون من مصادر رسمية و غير رسمية . أما الجزء الأساسي من تلك الموارد فسيعتمد على مساهمة سكان المنطقة بصوره طوعية  و اشتراكات الأعضاء من خلال إنشاء صندوق للتنمية المحلية ، تساهم فيه الشرائح الاجتماعية كل حسب طاقته المادية . و هذا الصندوق سوف يحقق هدف تعزيز مشاركة السكان في تنمية بيئتهم بجهودهم الذاتية ، و هو الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز القدرة على الاعتماد الذاتي و زيادة الشعور بالانتماء و الولاء .
موازنة المشروع :
يكون للمشروع موازنة خاصة ، و سيتم تحديد ميزانية المشروع التقديرية لاحقا بحيث تشمل تكلفة المباني بما فيها قيمة الأرض و التصميم الهندسي و غيرها ، إضافة إلى مكافآت فريق العمل و الخبراء و الاستشاريين . 
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق