إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يناير 2012

الأبعاد الثلاثة للتنمية


أهمية الإطار الثقافي و الاجتماعي .
تتم عملية التنمية على ثلاثة مستويات :
1-           المستوى التكنولوجي: تعليم المهارات الفنية: أمر يسير أحيانا
2-           المستوى الاقتصادي: استغلال المهارات الأساسية في ظل تنظيم اقتصادي
3-           المستوى الاجتماعي
 إن قرار استخدام المعارف و الأساليب بشكل اقتصادي و توزيع العائد اجتماعيا وعلى القطاعات الأكثر احتياجا تتطلب تنظيم اجتماعي يكفل تحقيق هذه الغايات بالكفاءة المطلوبة التي تساعد على التنمية، خاصة شكل البناء الطبقي و نوعية الاتجاهات و المعايير .
إذن أين تكمن المشكلات الحقيقية ؟؟؟؟
تظهر المشكلات الحقيقية عندما نطرح التساؤلات التالية :
هل يوجد العدد الكافي من الأيدي العاملة الوطنية  ؟؟
هل يوجد العدد الكافي من القيادات المدربة لتحمل المسئوليات وإدارة البرامج والمشاريع   ؟
هل هناك جدوى من  المشروع  ؟
هل هناك ما يبرر استثمار تلك الأعداد من الأيدي العاملة والأموال ؟
هل تحقق الاستخدام الأمثل للموارد ؟
هل يوجد البناء المادي و الاجتماعي الأجهزة و المنشآت التكميلية .. مواصلات ،مواصلات ، معاهد، مواد نصف مصنعة.، مساكن.. الخ..؟
هل اخذ في الاعتبار الاستعدادات المناسبة لمواجهة الزيادة في أعداد السكان و توزيعهم ؟ والعلاقة بين معدل نمو الإنتاج القومي و السكان ؟
هل تم مراعاة زيادة الإنتاج و معدل الارتفاع في مستوى المعيشة ؟
هذه الأسئلة تنصب على الجوانب الاقتصادية الاجتماعية ، التي لابد من الإجابة عليها حتى تتحقق التنمية  .
فما هي الشروط الثقافية والاجتماعية التي يجب توافرها ؟ وهل هي متوافرة ؟و ما هي الآثار و الظواهر الثقافية الاجتماعية التي ينبغي توقعها ؟ بمعنى هل الاستثمارات الفنية و المالية تم توظيفها بشكل يخدم التنمية على الوجه الأمثل ؟ وهل هي منتجة و فعالة من النواحي الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية ؟ أم العكس ؟
كذلك نهتم بمعرفة ما إذا كانت المستحدثات الفنية والاقتصادية تهدد العادات و عناصر التراث في بعض القطاعات أم تثير لدى قطاعات معينة تطلعات و اطماح لا يمكن إشباعها إشباعا سليما و في الوقت المناسب و بالشكل المطلوب مما ينعكس بدوره على تغذية موجات العنف و التيارات السياسية المعادية لنظام المجتمع التي لا شك من أنها تؤثر على المناخ المناسب لاستمرار جهود التنمية .
فمعالجة قضايا التنمية تنقل من :
لمستوى الفني إلى المستوى الاقتصادي الاجتماعي إلى المستوى الثقافي الاجتماعي  .
معظم الدراسات تركز على المستوى الأول( استخدام المعرفة الفنية واستخدامها ) و تغفل الجانب الثقافي الإجتماعي .و ذلك لعدة عوامل منها :
* التدرج في المستويات يتفق و صعوبة المستويات  من الأيسر إلى الأصعب.
* ان التغير في الجوانب المادية أسرع من التغير في الجوانب اللامادية ( اوجبرن : الهوة الثقافية ).
*التخلف : تخلف احد أجزاء المركب الثقافي في أثناء عملية التغير الثقافي و تكون نتيجة ذلك إما رواسب ثقافية أو أثر   ( هولتكرانس ). 
 و يرى سوروكين : إن نظرية التخلف الثقافي تقوم على النظريات التكاملية في المجتمع و الثقافة. وهي النظريات التي ترى أن كل جزء من أجزاء النسق الثقافي الاجتماعي يمكن أن يتغير بنفس المعدل الذي يتغير به كل جزء آخر ،و إلا أدى ذلك إلى ظهورحالات إجهاد و توتر اجتماعي . إذن القدرة على خلق تنظيم اجتماعي ملائم لعملية التنمية يعد العامل الحاسم في نجاح جهود التنمية و تحقيقها الغرض المنشود و هو اقل ما تهتم به المجتمعات النامية. فبدون التنظيم الاجتماعي الملائم تصبح المعارف الفنية و الإمكانيات الاقتصادية أما عقيما عديم الفائدة. و هذا العامل ( الثقافي الاجتماعي ) هو اقل العوامل التي تأخذها سياسات التنمية في المجتمعات النامية.   فقد كتب جوستاف شموللر( عالم اجتماع اقتصادي ألماني ) في أوائل القرن 20 : " إن السر الكبير لكل تقدم اقتصادي يكمن في حقيقة المر في تعاون و تضافر عدد من الأفراد ، و هو التعاون الذي كان يتمثل في الماضي في التآزر و التكامل الاجتماعي ، ثم تحول إلى تقسيم العمل بأنواعه و مستوياته ، ثم إلى إنشاء المصانع و الورش ، ثم تكوين الطبقات ، و بعدها النشاط الاقتصادي الحكومي . و لم تكن صور التعاون هذه جميعا مجرد تعاون اقتصادي فحسب، و إنما كانت منبثقة من مجموع الحياة الروحية و الفكرية للمجتمع.. إن التقدم الاقتصادي متوقف على عدد من الشروط الاجتماعية و على إجراء تعديلات ذات طبيعة اجتماعية وسياسية، و على تطوير النواحي الفردية و الجسمية و النفسية وإحداث تغييرات إلى الحسن في العادات و التقاليد الشائعة في المجتمع ..
يجب أن التمييز داخل العملية التنموية بين:
1- القدرات الفنية ( التكنولوجية
2- الانجازات الاقتصادية ( التي تنقسم بدورها إلى انجازات مالية و تنظيمية وإدارية
3- القدرات الاجتماعية على كافة مستويات العلاقات بين الناس و مستويات الجماعات الاجتماعي
و الملاحظ أن البعد الثالث ( الاجتماعي ) هو أهم تلك البعاد و هو اقل الأبعاد استئثارا باهتمام الباحثين و معالجة الدارسين .و هو الذي يتطلب التركيز على البعد الثقافي الاجتماعي في عملية التنمية.وقد دلت التجارب التي قدمتها الدول الغنية للمجتمعات النامية على إن الفشل الذي صادفته و العثرات التي واجهتها أكثر التجارب بسبب عدم مراعاة هذا الترتيب المتدرج لتلك الأبعاد الثلاثة لعملية التنمية.
إن كل تخطيط للتنمية الفنية و الاقتصادية يتطلب وجود قدر من الاستعداد و القدرة على تقبل التجديدات المنشودة من جان الفرد و من جانب المجتمع و كذلك يحتاج إلى تنمية هذا الاستعداد و تلك القدرة.إن نجاح جهود التنمية يتوقف على تحقيق تلك الشروط التي بدورها تتوقف على امتلاك القائمين على التخطيط للمعرفة الكافية بالظروف البنائية الثقافية والاجتماعية للمجتمع .للأسف لم تسير الأمور في اغلب الأحيان بهذه الصورة مما جعل المسئولين عن التنمية يعتقدون إن تمويل الجوانب المادية هو ذاته انجاز على طريق التنمية ، و يساهم في تحقيق أهداف التنمية ( الجانب الأول فقط ).
إن تحقيق التنمية يتوقف على حسن الأداء الوظيفي للثقافة بكافة عناصرها والنظام الاجتماعي برمته و عند تناول مشكلات التعجيل بالتنمية لا بد من النظر إلى ثقافات المجتمعات النامية.
أن أهم ركيزة لنجاح عملية التنمية هو خلق البناء التحتي الثقافي الاجتماعي .
 إذن التنمية هي عملية تغيير ثقافي موجه أو إعادة بناء شامل للنظم الاقتصادية والاجتماعية القائمة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق